يُعتبر قطاع الموارد البشرية عموداً فقرياً لمختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، نظراً إلى تأثيره في تعزيز الأداء الوظيفي والرفع من معدلات الإنتاجية والارتقاء بالمردودية؛ ومن بين الأعلام الإماراتية اللامعة في هذا المجال مدير الإدارة المركزية لتنمية الموارد البشرية بالمجلس التنفيذي في عجمان، راشد السويدي، صاحب التجارب المهنية المتميزة والخبرات الإدارية الممزوجة برغبة الذات في رسم النجاح وضمان مستقبل مشرق للعمل الحكومي. يؤمن أن مفهوم الموارد البشرية في المؤسسات هو إدارة فنية إبداعية ترعى مواهب الموظفين وتصقل قدراتهم وتحثهم على الفعل الإيجابي، ويعتقد أن التسيير ثقافة تستمد مضمونها من الإحاطة بالعاملين وتحفيزهم على الارتقاء بالمهارات والطاقات وتطوير العقليات. وأكد السويدي أن الهدف من إنشاء إدارة مركزية متخصصة في تنمية الموارد البشرية ملحقة بالمجلس التنفيذي في عجمان، هو تطوير منظومة عمل الموارد البشرية وبناء قاعدة تنظيمية تسعى إلى رفع الأداء الوظيفي في المؤسسات الحكومية بالإمارة، مواكبة للانتعاش الاقتصادي الذي تشهده عجمان على الصعد كافة. وذكر السويدي أن الكوادر الإماراتية الشابة نجحت في إدارة مؤسسات الدولة، انطلاقاً من إيمان القيادة الحكيمة بأهمية العناصر الشابة ودورها الفاعل في دعم التطور المؤسسي، موضحاً أن الإمارات سباقة في رسم استراتيجيات التطوير الوظيفي وتعزيز مفهوم الموارد البشرية على الصعيد الإقليمي العربي. وبيّن انكباب فريقه على تشجيع التوطين تماشياً مع خطط الحكومة الاتحادية وفقاً للبرنامج الوطني لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» الذي أعلن 2013 عاماً للتوطين، لذلك تتضافر فيه الجهود وتتوحد الطاقات لإطلاق مبادرات وسياسات تعتبر التوطين أولوية وطنية على جميع المستويات، وتطرق السويدي إلى عدد من المحاور الهامة في حواره مع «الرؤية»: * ما الهدف من إنشاء جهة مركزية متخصصة في وضع السياسات والتشريعات المتعلقة بتطوير الموارد البشرية في حكومة عجمان؟ الهدف من قرار إنشاء هذه الجهة تطوير وتنظيم العمل الحكومي في الإمارة بما يتوافق مع أفضل السياسات والممارسات العالمية، ويترجم ذلك إيمان صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان وقناعة سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي ولي عهد عجمان ورئيس المجلس التنفيذي، بأهمية دور الموارد البشرية الحيوي والمؤثر في أداء الهيئات والمؤسسات الحكومية في الإمارة، وتأكيد الرغبة في إنشاء جهة مركزية متخصصة تلحق بالمجلس التنفيذي في الإمارة وتُعنى بوضع السياسات والخطط والنظم المؤدية لتطوير الموارد البشرية ومتابعة تنفيذ تلك السياسات والتشريعات والنظم. * ما المهام الموكلة إليكم كمشرف للإدارة المركزية بتنمية الموارد البشرية بالمجلس التنفيذي في عجمان؟ نحن نسعى إلى بناء قاعدة تنظيمية وتكوين بنية تحتية لإدارة الموارد البشرية في دوائر الإمارة الحكومية وذلك عبر تطوير أنظمة التقييم الوظيفي وتحسين أداء الموظفين وتحفيزهم للوصول إلى أعلى مستوى من الإنتاجية بكفاءة وفاعلية، مع ضمان تكاتف جهود الموظف والإدارة باتجاه يساهم في تحقيق أهداف كل منهما على حد سواء. * ما أهمية الموارد البشرية في أداء الدوائر والمؤسسات الحكومية؟ ظهر مفهوم الموارد البشرية بداية على شكل نقابات ومجموعات من الحرفيين والمهنيين في نهاية القرن الثامن عشر وازداد الاهتمام بإدارته مع الثورة الصناعية، ونتيجة للتقدم التكنولوجي المعاصر ظهرت الحاجة لتكوين إدارة تختص بشؤون الموظفين، ومن هنا برز مفهوم الموارد البشرية كضرورة حتمية لتطوير المؤسسات والدوائر لأنه مرتبط بالكادر البشري، أو ما يعرف برأس المال البشري الذي يمكن توجيهه بطريقة معينة لتحقيق الفائدة القصوى من خلال رفع الإنتاجية؛ ولهذه الاعتبارات ننكب على تحسين ظروف العمل والارتقاء بيئته في هذه الدوائر، فالموظفون هم الواجهة الأولى للدوائر الحكومية والخاصة وعمود المؤسسات الفقري، لذلك ازداد الاهتمام بالموارد البشرية في وقتنا الحالي، وخاصة في الإمارات نتيجة للتقدم الرقمي الحديث والثورة التكنولوجية وظهور مفاهيم جديدة لدور الموظفين، إذ أصبح تطوير المؤسسة رهناً بتوسيع إدارة الموارد البشرية. * من موقعكم كيف يمكن الارتقاء بالكادر الوطني الإماراتي وتعزيز مكانته بما يتوافق مع الممارسات العالمية؟ أثبت الموظف الإماراتي أنه قادر على الإنجاز الوظيفي كلما توفرت له الفرصة، وحرصت القيادة العليا في الدولة على دعم الإماراتيين وتمكينهم من الانتفاع بنظام التحفيز الوظيفي، واستغلال مهاراتهم وكفاءتهم عبر التدريب منذ المرحلة الجامعية، ولقد بنيت استراتيجية الدولة على إدارة العمل المؤسسي من خلال مفهوم التغيير وذلك بضخ دماء شابة جديدة في صفوف الكوادر، وهو ما يعود بالنفع على كل من المؤسسة والموظف لتحقيق مستوى عال من الأداء والكفاءة. وتشهد إدارة المؤسسات الحكومية والخاصة التي تدار من كوادر إماراتية على نجاح هذه الوجوه الشابة في إدارة منظومات العمل الإداري بالدولة. * تعاني مؤسسات ضعفاً في أداء المتحدثين الرسميين فيها واتسامهم بالتذبذب تجاه أي تصريح أو استفسار، هل هناك خطة لمواجهة هذه المشكلة؟ الإعلام شريك استراتيجي هام للمؤسسات الحكومية، لذلك نحرص دوماً على تنظيم الدورات والورش التدريبية بالمؤسسات لكل الموظفين بمن فيهم العاملةن بقسم الإعلام والعلاقات العامة حتى تتطور مهاراتهم وإمكاناتهم وتتحسن قدراتهم في التفاعل مع دور الإعلام وأهميته في دعم دور المؤسسات الحكومية.. وتعود جذور هذه الإشكالية إلى ثقافة المجتمع الراسخة في افتقاد الطرفين لمفهوم التسويق المؤسساتي، ولا تقع المسؤولية على عاتق مسؤولي الإعلام في المؤسسات فحسب، وإنما أيضاً على الإعلاميين أنفسهم؛ فالمطلوب منهم تفعيل تواصلهم مع المؤسسات بشكل مستمر من وقت لآخر، وليس على نحو متقطع طلباً لتصريح أو رأي معين. * ما آخر التطبيقات في مجال الموارد البشرية؟ نحن نحرص على تفعيل الاستراتيجيات والسياسات المتعلقة بالموارد البشرية بما يدعم خطط التنمية، مع توفير بيئة العمل المحفزة للتميز والجودة المؤسساتية، ولذلك نسعى إلى تأسيس أنظمة إدارية تتماشى سياستها مع أرفع مستويات الجودة العالمية، عبر التركيز على العنصر البشري بتطويره و تأهيله من خلال الدورات التدريبية والمنح التعليمية، وسيجري العمل مستقبلاً على عقد اتفاقيات مع عدد من الجامعات لإلحاق الموظفين بها. * أين ترتبون دولة الإمارات على الصعيد الدولي والإقليمي بالنسبة لمستواها في مجال الموارد البشرية؟ الإمارات من أوائل الدول السباقة في رسم استراتيجيات الموارد البشرية وتعزيز مكانتها ودورها في المؤسسات إذ وفرت بيئة تضمن كفاءة الخدمات وتطوير القدرات والإمكانات للقوى العاملة الوطنية، وذلك من خلال إجراء التحليلات والدراسات الميدانية لسوق العمل وإعداد برامج تدريب وتأهيل للمواطنين منذ المرحلة الدراسية. * كيف تصنفون إمارة عجمان مقارنة بإمارات الدولة الأخرى بخصوص مستوى الموارد البشرية؟ لا نستطيع أن نقول إننا الأفضل أو الأسوأ ولكننا نتطلع دائماً لاحتلال الريادة في مجال الموارد البشرية على الصعيد المؤسسي، ولا يوجد تنافسية بين إمارات الدولة بل هناك تكاملية واضحة تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة على صعيد تطوير إمكانات الكوادر الوظيفية الوطنية. * هل واجهتكم تحديات خلال العمل؟ كل عمل فيه تحديات ومعوقات ولكن بالرؤية الواضحة تمكنا من معرفة ما نريد تحقيقه، ويتجلى التحدي الوحيد ربما في ضرورة الإسراع بالعمل على إنشاء بنية تحتية تنظيمية لمفهوم الموارد البشرية في إمارة عجمان بكل مؤسساتها حتى تتماشى وتنسجم مع الطفرة التي تشهدها الإمارة على صعيد الانتعاش الاقتصادي بتطوير القيادة والإدارات للوصول إلى أعلى مستوى من الإنتاجية. * كيف يمكن لمجال الموارد البشرية أن يعمل على نشر ثقافة التميز المؤسسي؟ يمكن ذلك من خلال العمل على التغيير المؤسسي الهكيلي وتحديث أنظمته لينسجم مع ثقافة العمل المؤسسي الحديث مع الاستفادة من تطبيقات المؤسسات الناجحة العالمية ومعرفة عناصر تميزها، ومن ثم تطبيقها بما يتوافق مع الخصوصية المحلية للدولة لتحقيق النتائج الملموسة. * ما معاييركم لاختيار الموظفين للعمل في القطاع الحكومي؟ الكفاءة والفعالية والإنتاجية العالية ونرحب بالفئات الشابة لأنهم يتسمون بالحركة والحيوية لتحقيق أهداف المؤسسة، ويمكننا أن نصقلهم ونطور أداءهم المهني عبر تأهيلهم بالدورات التدريبية والبعثات العلمية إن لم يمتلكوا الخبرة الكافية، ولكن نشجع الاستفادة من طاقتهم وحماسهم للعمل. * ما خططكم المستقبلية فيما يخص تطوير قطاع الموارد البشرية في عجمان؟ خططنا هي رسم سياسات واستراتيجيات إدارية تدعم الموظفين بما يتوافق مع تطالعات القيادة الرشيدة في الدولة، وهدفنا مستقبلياً هو تنظيم الملتقيات والمؤتمرات واستقطاب أفضل الخبراء في مجال الموارد البشرية في العالم لطرح أوراقهم وتوصياتهم قصد الاستفادة منها والاطلاع على أنجع الممارسات الدولية والعالمية، وذلك بحثاً عن التميز المؤسسي والارتقاء بالأداء وخدمات العمل الحكومي، ونعكف في السياق نفسه على تعزيز مفهوم توطين الكوادر الإماراتية في الوظائف، وهذا هدف على رأس أولوياتنا، تماشياً مع خطط الحكومة الاتحادية التي تستلهم عملها من نهج الآباء ووفقاً للبرنامج الوطني لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة الذي أعلن 2013 عاماً للتوطين، إذ تتضافر فيه الجهود وتتوحد الطاقات لإطلاق مبادرات وتنفيذ سياسات التوطين كأولوية وطنية على جميع المستويات. * ما أهم الدورات التدريبية التي تقدمونها للموظفين في القطاع الحكومي قصد تأهيلهم؟ مجمل الدورات التدريبية التي ننفذها تهدف إلى تطوير الأداء الوظيفي للكادر البشري بالمؤسسة وهي متخصصة في صناعة القيادة الفذة وتحفيز الأساليب الإبداعية لدى الموظفين وصياغة الآليات التي تطور عملهم وتنمي قدراتهم عبر ورش العمل الفعالة التي نقدمها، كما نحاول أن نلمس نتائج هذه الورش التدريبية عبر زيارات متابعة لتقييم مستوى أداء الموظفين من وقت لآخر. وندرب كذلك قادة المؤسسات على منهجيات جديدة في حل الأزمات المؤسسية التي تحول دون تحقيق نتائج وأهداف الدوائر بالإمارة. سيرة ومسار يمتلك راشد السويدي خبرة واسعة وتجارب مهمة تجاوزت العشر سنوات في مجال الموارد البشرية، وتحصل السويدي على بكالوريوس إدارة الأعمال من جامعة الإمارات عام 2002، ثم شغل وظيفة نائب مدير إدارة الموارد البشرية في دائرة الأراضي والأملاك بحكومة دبي، قبل أن يقع تعيينه بقرار أصدره سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي ولي عهد إمارة عجمان رئيس المجلس التنفيذي، في منصب مدير للإدارة المركزية لتنمية الموارد البشرية بالمجلس التنفيذي في عجمان. نبذة تأسست الإدارة المركزية لتنمية الموارد البشرية في عجمان عام 2012 وألحقت بالمجلس التنفيذي في الإمارة لوضع السياسات المؤدية لتطوير الموارد البشرية في حكومة عجمان ومتابعة تنفيذها بما يخدم رفع الأداء الوظيفي والارتقاء بالإنتاجية في الإمارة، وبما يضمن تطور الكادر الحكومي توافقاً مع أفضل السياسات والممارسات العالمية.